نتائجها ،
ومعرفة المنافع والمضار بغاياتها ، وأمر تشريع وهو ما جاء به الأنبياء من الشرائع
لتبليغه للناس ليعملوا به.
فمن أنكر الإله
وصفاته بعد أن شهدت بوجوده الآثار المنبثّة في الكون ، أو أنكر نبوة نبىّ بعد أن
أقام الدليل على صدقه فقد قطع ما أمر الله به أن يوصل بمقتضى العهد الفطري ، لأنه
قطع الصلة بين الدليل والمدلول.
ومن أنكر شيئا
مما علم أن الرسول قد جاء به من الأوامر والنواهي ، فقد قطع ما أمر الله به في
كتبه أمر تشريع وتكليف ، وهو لا يأمر إلا بما أثبتت التجربة منفعته ، ولا ينهى إلا
عما ثبتت مضرته.
ومشركو العرب
بتكذيبهم النبىّ صلى الله عليه وسلم نقضوا عهد الفطرة ، وأهل الكتاب نقضوا العهدين
معا ، فإن الله بشرهم في الكتب المنزلة على أنبيائهم بالنبي صلى الله عليه وسلم
بذكر صفاته ، فحرّفوا وأوّلوا متعمدين كما قال تعالى : (وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ
الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ).
(وَيُفْسِدُونَ فِي
الْأَرْضِ) بصدهم عن سبيل الله يبغونها عوجا ، وبالاستهزاء بالحق
بعد ما تبين ، وبإهمالهم هداية العقل وهداية الدين ، فوجودهم في الأرض مفسدة
لأنفسهم ومفسدة لأهلها.
(أُولئِكَ هُمُ
الْخاسِرُونَ) لأن إفسادهم لما عمّ العقائد والأخلاق بفقد هداية
الفطرة وهداية الدين ، استحقوا الخزي في الدنيا بحرمان السعادة الجسمية والعقلية
والخلقية ، والعذاب الأليم في الآخرة ، ومن خسر السعادتين كان في خسران مبين.